تعريفات
كتب متون كتب خدمية
تعريف بالكتاب تعريف بالمؤلف
وصف الكتاب ومنهجه

قال الإمام البخاري: لم أُخرج في هذا الكتاب إلا صحيحا، وما تركت من الصحيح أكثر.وسمّاه: (الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه). فبين باسم كتابه موضوعه، فهو:
1. الجامع: أي لأبواب العلم المختلفة.
2. الصحيح: أي المشتمل على الأحاديث الصحيحة المتصلة.
3. المسند: أي الذي ضمّ الأحاديث المرفوعة إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. فما وجد فيه من غير الأحاديث النبوية مثل الآثار الموقوفة على الصحابة أو المقطوعة على التابعين، فهو قليل وليس من موضوع الكتاب، إنما يذكره البخاري لأن له حكم الأحاديث النبوية، أو يذكره تبعًا لحديث نبوي. وكذلك الأحاديث المعلقة ليست أيضا من موضوع الكتاب، وإنما يذكرها في توضيح الأبواب. (صحيح البخاري) لم يستوعب كل حديث صحيح: صحيح البخاري كله صحيح، ولكنه لم يشتمل على جميع الأحاديث الصحيحة، بل إن في كتب غيره من العلماء من الحديث الصحيح الكثير مما لم يخرجه هو في كتابه. وقد أفصح عن ذلك البخاري نفسه فقال: ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صحَّ، وتركت من الصحيح حتى لا يطول. وكان يحفظ مائة ألف حديث صحيح، وانتخب كتابه من ستمائة ألف حديث، وهذا ظاهر في كونه لم يقصد حصر الأحاديث الصحيحة، فهو بذلك مختصر جامع.
شرط البخاري : كان الإمام البخاري - تبعا لشيخه علي بن المديني - لا يرى تحقق اتصال السند بين راويين حتى يثبت اللقاء والسماع بينهما ولو مرَّة، فإذا ثبت ولو مرة كفى ذلك عنده لاتصال الحديث ما لم يكن الراوي موصوفًا بالتدليس، فإذا كان مدلسًا فلا يقبل حديثه إلا إذا قال: (سمعت) في كل حديث يرويه. وقد بالغ البخاري في تحقيق هذا الشرط في - صحيحه - حتى أنه ربما خرّج الحديث الذي لا تعلق له بالباب، ليبين سماع راوٍ من شيخه لكونه قد أخرج له قبل ذلك شيئًا معنعنًا. ولا يكتفي البخاري بمجرد معاصرة الراوي لمن روى عنه، كما صنع الإمام مسلم في صحيحه، ولا يخرّج ما كان منقطعا بأي وجهٍ من وجوه الانقطاع، كما هو صنيع الإمام مالك في (موطئه). فلذا رجح (صحيح البخاري) على كتابيهما.
تبويب الصحيح : عُني الإمام البخاري بتبويب كتابه أحسن العناية، وأودعه من دقائق العلم ما بلغ فيه الغاية.
- افتتحه بحديث (إنما الأعمال بالنيات) إشارة إلى حسن القصد وسلامة النية. - أطلق على أسماء الأبواب العامة اسم (كتاب) وربما قال: (أبواب) وما أورده تحت ذلك (باب).
- قدم ما هو أولى بالتقديم، فكان (بدء الوحي) إشارة إلى كونه ابتداء الدين، ثم (الإيمان) لأنه أساس الدين، ثم (العلم) لأنه أداة الدين، ثم العبادات، وهكذا، وختمها ب (التوحيد) لكون صلاح جميع الأعمال ظاهرها وباطنها مما بيّنه في كتابه قائم على تحقيقه وتوثيقه.
- ترجم لكل كتاب بالأبواب المفصلة الدالة على دقة فهمه وغزارة فقهه. وجاءت أبوابه على صور:
1. التبويب بلفظ ظاهر، كقوله (باب كذا وكذا) يعلم بما ورد في ذلك الباب من غير مراعاة لمقدار تلك الفائدة فيه.
2. التبويب بلفظ الحديث المذكور في الباب، أو بعضه، أو بمعناه وهذا قد يشتمل على فائدة، كأن يكون الحديث المذكور في الباب احتمل لفظه أكثر من معنى، فيبوب البخاري بأحد هذه المعاني، فيقوم مقام ترجيح الفقيه في مواضع الاختلاف. وعليه، فربما بوّب بما يعيّن المراد بالحديث ويرفع الإشكال. فيخصّ ما أفهم عمومًا أو العكس، ويقيّد ما أفهم إطلاقا أو العكس، ويفسر ما كان مجملا، وهكذا.
3. التبويب بلفظ الاستفهام، فيقول: (باب هل يكون كذا)، أو يقول: (باب من قال كذا) ونحو ذلك.وهذا في حالة عدم إمكان الجزم بتعيين أحد المعاني المحتملة. وغرضه من هذا أن يُبقي للنظر مجالا، وينبه على أن هناك احتمالا أو تعارضا يوجب التوقف.
4. التبويب بما ظاهره قليل الجدوى، لكنه عند التحقيق يجدي، كقوله مثلا: (باب قول الرجل ما صلينا) يشير إلى الردّ على من كره ذلك.
5. التبويب بأمر مختص ببعض الوقائع، لا يظهر المقصود منه إلا بالتأمّل، كقوله: (باب استياك الإمام بحضرة رعيته) نبّه به على أن ذلك لا يقدح في المروءة.
6. التبويب بلفظ يشير إلى معنى حديث ليس على شرطه، وربما أتى بلفظ الحديث صريحًا فبوّب به، كقوله: (باب الأمراء من قريش) فهذا تبويب بلفظ حديث ليس على شرطه وأورد تحت الباب ما أفاده.
7. قد لا يذكر تحت الباب حديثًا، وإنما يكتفي بالتبويب، ويزيد معه أثرًا أو آية، يشير إلى أنه لم يصحّ عنده في الباب شيء على شرطه.
8. التبويب المجرد من الأحاديث المسندة والتعاليق والآيات، وكأن هذا مما قيل: إنّ البخاري بيّض له ولم يتمه.
9. ذكر كلمة باب مجردة، وهذه الصورة يكون ما بعدها من الأحاديث متصلا بما قبلها ويشبه أن تكون قائمة مقام الفواصل.
10. كما أن من عادة البخاري تفسير غريب ما يذكره في الأبواب من آيات القرآن.
معلقات الصحيح : الأحاديث المعلقة في (صحيح البخاري) ليست على شرط البخاري في كتابه، لأنها غير متصلة قد حذف من أولها راو أو أكثر. والبخاري يعلق الأحاديث (متونا، وأسانيد) عن شيوخه وعن غير شيوخه. وهذه المعلقات لها صورتان:
1. تأتي بصيغة الجزم مثل (قال فلان، روى فلان، ذكر فلان) وكلّ ما يذكره بهذه الصيغة صحيح فيما بين البخاري والرجل الذي علقه عنه. والجزء الذي يذكره من السند المعلق قد يكون صحيحًا وقد يكون حسنًا، وقد يكون فيه ضعف يسير.
2. تأتي بصيغة التمريض يُشير بها إلى لينٍ في الرواية، فيقول: (يُرْوى عن فلان، يُذْكر عن فلان) وهذا النوع من المعلقات لا يُقطع بصحته إلا بعد النظر. ويُلاحظ أن من المعلقات ما هو موصول في نفس (صحيح البخاري) علقه البخاري في بعض المواضع لأجل أن لا يُكرّر الحديث بنفس السند والمتن.
تكرار الحديث : جرت عادة البخاري في (صحيحه) على إعادة الحديث في نفس الباب أو في أبواب أخرى، لكنه يراعي عدم إعادة الحديث بنفس إسناده ومتنه في الموضع الأول، ولا يقع ذلك منه إلا نادرا إذا لم يجد في الباب غيره بإسناد آخر أو متن آخر، ولإعادة الحديث وتكراره أغراض:
1. إخراج الحديث عن حد الغرابة، فيخرج الحديث عن صحابي، ثم يورده عن صحابي آخر، أو يخرجه عن تابعي، ثم يخرجه عن آخر وهكذا، والزيادة في الطرق زيادة في الصحة.
2. بعض الأحاديث يذكرها بعض الرواة تامة، وبعضهم مختصرة، فيحدّث بها كما جاءت على الوجهين.
3. الرواة ربما اختلفت عباراتهم، فحدّث راوٍ بحديث فيه كلمة تحتمل معنى، وحدث به آخر فعبر عن تلك الكلمة بعينها بعبارة أخرى تحتمل معنى آخر، فيورده مُفْرِدا لكلّ لفظة بابا.
4. اشتمال الحديث المكرر على معنى في سياقه غير موجود في الموضع الآخر.
5. أحاديث تعارضَ فيها الوصل والإرسال، فترجّح عنده الوصلُ فاعتمده، وأورد الإرسال منبهًا على كونه لا تأثير له عنده في الوصل.
6. أحاديث تعارض فيها الوقف والرفع، فترجّح عنده الرفعُ فاعتمده، وذكر الوقف منبهًا على كونه غير ضار.
7. أحاديث زاد بعض الرواة فيها رجلا في الإسناد ونقصه بعضهم، فيوردها على الوجهين مصححًا، بناءً على أن الراوي سمعه من شيخ حدّثه به عن آخر، ثم لقي الآخر فحدّثه به، فرواه على الوجهين.
8. حديث عنعنه راويه (أي قال: عن فلان)، فيذكره من طريق أخرى مصرحًا فيه بالسماع.
تقطيع الحديث : تصدي البخاري لاستنباط الأحكام ربما اضطره لتقطيع الحديث، أو اختصاره، والحديث الذي يصنع به ذلك لا يخرج عن الأوصاف الآتية:
1. أن يكون المتن قصيرًا، أو مرتبطًا بعضه ببعض، وقد اشتمل على أكثر من حكم، فحينئذ يعيده كما هو في موضعه من كل باب لكن لا يخليه من فائدة حديثية، وهي أن يذكره عن شيخ آخر سوى الشيخ الذي أخرجه عنه قبل ذلك. فإذا ضاق مخرجه وليس له عنده إلا الإسناد الأول فإنه لا يكرره إسنادًا ومتنًا وإنما يعلّقه. وربما أورد الحديث في موضع تامًا، وفي الآخر مقتصرًا على طرفه الذي يحتاج إليه في ذلك الباب.
2. أن يكون المتن مشتملا على جمل متعددة لا تعلّق لإحداها بالأخرى، فإنه يخرج كلَّ جملة منها في باب مستقل فرارًا من التطويل، وقد يسوقه بتمامه أحيانًا.
3. أن يقتصر على بعض المتن ويحذف باقيه ولا يذكره في موضع آخر وهذا في الغالب لا يقع له إلّا حيث يكون المحذوف موقوفًا على الصحابي، فيقتصر على المرفوع ويحذف الموقوف لكونه ليس من موضوع كتابه.